نيجيريا وفرنسا- شراكة جديدة أم عودة للاستعمار بنكهة اقتصادية؟

المؤلف: د.حكيم نجم الدين09.16.2025
نيجيريا وفرنسا- شراكة جديدة أم عودة للاستعمار بنكهة اقتصادية؟

رغم ما يقال عن أفول النفوذ الفرنسي في الدول الأفريقية الفرانكفونية ومستعمراتها الغابرة، تشير الدلائل إلى أن باريس تعيد تشكيل استراتيجيتها، عازمة على العودة إلى القارة الأفريقية بقوة، وذلك بالتركيز على الدول الأفريقية الإنجليزية، وفي مقدمتها نيجيريا. فالتطورات الأخيرة تؤكد على الأهمية الاستراتيجية التي تحتلها نيجيريا في الخطط الفرنسية، مدفوعة بمصالح اقتصادية حيوية واعتبارات جيوسياسية إقليمية بالغة الأهمية.

نيجيريا في سياسة "ماكرون" الجديدة تجاه أفريقيا

لم تكن نيجيريا أول الدول الإنجليزية التي نالت اهتمام فرنسا المتزايد؛ فمنذ عام 2019، تسعى باريس جاهدة لكسب ود أكبر الاقتصادات غير الفرانكفونية في القارة. ففي عام 2021، قام إيمانويل ماكرون بأول زيارة رسمية له إلى جنوب أفريقيا، كما زار إثيوبيا في أواخر ديسمبر 2024، حيث أعلن عن دعم فرنسا لسعي أديس أبابا للوصول إلى البحر. وفي عام 2019، زار كينيا، كأول رئيس فرنسي يزورها منذ استقلالها.

إن أسباب الاهتمام الفرنسي المتزايد بأفريقيا الإنجليزية تعود إلى رغبة باريس في تجاوز حدود مستعمراتها السابقة، ساعية إلى الوصول إلى اقتصادات أضخم وأكثر حيوية لتحقيق التوازن في مصالحها الاقتصادية في جميع أنحاء أفريقيا. ويأتي هذا التحول في ظل تصاعد المشاعر المناهضة لفرنسا في الدول الفرانكفونية، خصوصًا في مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، التي قامت بطرد القوات الفرنسية ونأت بنفسها عن باريس، بسبب تصورات الاستعمار الجديد.

نيجيريا تلعب دورًا محوريًا في سياسة ماكرون الجديدة تجاه أفريقيا، فهي تعد من بين أكبر الاقتصادات في القارة، ولاعبًا رئيسيًا في "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا" (إيكواس)، مما يمنحها تأثيرًا كبيرًا في القرارات الاقتصادية والسياسية في غرب أفريقيا.

إضافة إلى ثقلها الثقافي في المنطقة واشتراكها في الحدود مع أربع دول فرانكفونية، هي: بنين، والنيجر، وتشاد، والكاميرون، مما يجعل نيجيريا بمثابة الجسر الحيوي الذي يربط بين منطقتي أفريقيا الإنجليزية وأفريقيا الفرانكفونية.

يقوم الرئيس النيجيري "بولا تينوبو" بدور الشريك الأساسي في هذه المساعي الفرنسية، خاصة في منطقة غرب أفريقيا، ويتضح ذلك جليًا من خلال زيارته البارزة إلى باريس في نوفمبر 2024.

تلك الزيارة كانت بمثابة أول زيارة دولة لرئيس نيجيري إلى فرنسا منذ أكثر من عقدين. وقد استقبل ماكرون الرئيس النيجيري بحفاوة بالغة وصداقة مشهودة، لدرجة دفعت بعض الدبلوماسيين والمحللين السياسيين، بمن فيهم السفير الفرنسي في نيجيريا مارك فونبوستير، إلى القول بأن ماكرون لم يستقبل أي زعيم أفريقي آخر بتلك الطريقة المميزة.

ويمكن فهم الاهتمام الخاص الذي يوليه ماكرون لنيجيريا من خلال حقيقة أنه أمضى ستة أشهر ثمينة في نيجيريا، عندما تدرب في السفارة الفرنسية في أبوجا، العاصمة النيجيرية، في عام 2002، وذلك بصفته طالبًا في المدرسة الوطنية للإدارة، وهي إحدى أعرق المدارس العليا الفرنسية.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن موقف الرئيس النيجيري تينوبو تجاه فرنسا أكثر إيجابية من مواقف رؤساء نيجيريا السابقين، فإن نظرة سريعة إلى الإدارات النيجيرية السابقة منذ عام 1999 تظهر وجود تعاون راسخ بين الحكومات النيجيرية والفرنسية السابقة. فعلى سبيل المثال، كان هناك تعاون وثيق في عهد أولوسيغن أوباسانجو (رئيس نيجيريا من 1999 حتى 2007) حول المرحلة الأولى من تنويع الشراكة الاقتصادية بين البلدين، كما دعمت فرنسا بقوة تخفيف أعباء الديون عن نيجيريا.

وفي عهد محمد بخاري (الرئيس النيجيري من 2015 حتى 2023)، عملت فرنسا على توطيد شراكتها مع نيجيريا لتعزيز الأمن البحري في خليج غينيا، ومكافحة الإرهاب في حوض بحيرة تشاد، وهي منطقة تضم نيجيريا وثلاث دول فرانكفونية، هي: تشاد، والنيجر، والكاميرون.

العامل الاقتصادي في تزايد شراكة نيجيريا مع فرنسا

تواجه إدارة الرئيس النيجيري تينوبو ضغوطًا جمة من مختلف الجهات، وذلك بسبب استمرار الأزمات الاقتصادية التي تعهد بإصلاحها قبل وأثناء وصوله إلى السلطة في عام 2023.

وقد شملت هذه الإصلاحات الطموحة جذب الاستثمارات الأجنبية، وفقًا لاستراتيجية متكاملة قائمة على أربعة أبعاد رئيسية، هي: الديمقراطية، والتنمية، والديمغرافيا، والشتات. ومع ذلك، وبعد مرور ما يقرب من عامين على حكمه، بدأت تظهر صعوبات جمة في تحقيق هذه الأهداف النبيلة، إضافة إلى الانخفاض الحاد في قيمة عملة "نيرا" النيجيرية، والخلافات المتصاعدة بين الجنوب والشمال بسبب مقترح إدارة تينوبو للإصلاح الضريبي.

شهدت الأشهر القليلة الماضية خروج العديد من الشركات الدولية الكبرى من نيجيريا، وذلك بسبب الانخفاض المريع في قيمة العملة النيجيرية، وعوامل أخرى مرتبطة ببيئة عمل غير مواتية.

أجبرت صعوبات جذب الاستثمار الأجنبي، وخاصة من الغرب، الرئيس تينوبو إلى التوجه نحو فرنسا، حيث ترى حكومته أن تعزيز العلاقات بين نيجيريا وباريس يمثل فرصة سانحة قد تسهل لأبوجا الوصول التجاري الأوسع إلى الاتحاد الأوروبي، مما يعود بالنفع العميم على المصدرين النيجيريين.

ولهذا السبب، وقع الرئيس النيجيري خلال زيارته المثمرة الأخيرة إلى باريس على صفقة بالغة الأهمية، تضمنت استثمارًا فرنسيًا ضخمًا بقيمة 300 مليون يورو، بهدف تعزيز البنية الأساسية والشراكة للنهوض بالقطاعات الرئيسية في الاقتصاد النيجيري، ويشمل ذلك الرعاية الصحية، والنقل، والطاقة المتجددة، والتعدين، والزراعة المستدامة.

بل صرح تينوبو أثناء الزيارة بأهمية "المسؤولية الجماعية" التي يجب أن تتحملها الدولتان، نيجيريا وفرنسا، لمحاربة الإرهاب، مؤكدًا أن "نيجيريا شريك فاعل في التقدم"، وأن "نيجيريا مستعدة للشراكة الكاملة مع فرنسا حتى نتمكن من إجراء عمليات أمنية من شأنها أن توقف تحدي الهجرة".

وخلال تلك الزيارة التاريخية، وقعت بنوك نيجيرية رائدة اتفاقيات عمل مهمة في باريس. وقد تألف الوفد النيجيري رفيع المستوى، بقيادة الرئيس تينوبو، من كبار قادة الأعمال النيجيريين، بمن فيهم رجل الأعمال الشهير عليكو دانغوتي، مؤسس مجموعة "دانغوتي" العملاقة، المالكة لمصفاة دانغوتي التي تؤثر بشكل كبير على قطاع النفط الأوروبي، وتوني إلوميلو، مالك "البنك المتحد لأفريقيا" (United Bank for Africa)، وعدد قليل من حكام الولايات النيجيرية الاستراتيجية، بمن فيهم حاكم ولاية لاغوس. إضافة إلى وزراء نيجيريين بارزين، مثل: وزير الخارجية، ووزير المالية، ووزير التجارة والاستثمار، ووزير الدفاع.

وقد تبعت هذه الاتفاقية الموقعة في باريس عدة تحركات ومذكرات تفاهم. فعلى سبيل المثال، عززت نيجيريا وفرنسا في يناير 2025 شراكتهما القوية في قطاع التعدين من خلال الالتزام بتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة في باريس، وذلك من خلال التعاون المثمر في تحديث المختبرات الجيولوجية النيجيرية، وتوفير المعدات التكنولوجية المتقدمة، وتمويل استكشاف البيانات الجيولوجية لوكالة المسح الجيولوجي النيجيرية.

وفي الشهر نفسه، أكد وزير الخارجية النيجيري يوسف توغار، التزام أبوجا الراسخ بالحفاظ على علاقات دبلوماسية قوية ومتينة مع فرنسا، مؤكدًا بشكل قاطع أنه ليس لدى نيجيريا أي نية لقطع علاقاتها الطويلة الأمد مع فرنسا.

وعلى نحو مماثل، التقى والي إيدون، وزير المالية النيجيري، في 14 فبراير 2025، بالسفير الفرنسي في نيجيريا، حيث تركزت مناقشاتهما بشكل أساسي على تعزيز التعاون الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نيجيريا.

وفي الشهر نفسه، شاركت نيجيريا، التي تعد أكبر سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أفريقيا، في قمة عمل الذكاء الاصطناعي التي عقدت في باريس، والتي أعلنت فيها فرنسا عن منحة سخية بقيمة 400 مليون دولار لمؤسسة "الذكاء الاصطناعي الحالي" التي أطلقها الرئيس الفرنسي ماكرون، بهدف توجيه تطوير التكنولوجيا في اتجاهات أكثر فائدة اجتماعيًا.

وبالنسبة لفرنسا، تتمتع نيجيريا بإمكانات هائلة كواحدة من أكبر اقتصادات أفريقيا، كما أن عدد سكان البلاد الذي يتجاوز 200 مليون نسمة يجعلها سوقًا متنامية وأرضًا خصبة بالفرص غير المستغلة رغم حيويتها الهائلة. ونتيجة لذلك، أصبحت نيجيريا اليوم الشريك التجاري الرائد لفرنسا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ورابع أكبر شريك لفرنسا في القارة الأفريقية بأكملها.

وقد أطلقت نيجيريا وفرنسا في عام 2018 "مجلس الأعمال الفرنسي النيجيري"، الذي يجمع بين الشركات الفرنسية والنيجيرية الكبرى الراغبة في إقامة شراكات استثمارية وتعاونية مثمرة.

واستحوذت نيجيريا على 20 بالمئة من التجارة الفرنسية مع دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، والتي بلغت 3.53 مليارات يورو في عام 2021. وارتفعت قيمة الصادرات الفرنسية إلى نيجيريا من 528 مليون يورو إلى 611 مليون يورو في نفس العام، وكانت معظم هذه الصادرات عبارة عن منتجات مصنعة، حيث شكلت المنتجات الزراعية الغذائية الأغلبية بنحو 30 بالمئة.

جدير بالذكر أن فرنسا هي تاسع أكبر مورد لنيجيريا، وأن 95 بالمئة من الواردات الفرنسية من نيجيريا عبارة عن منتجات بترولية. وتعمل حوالي 100 شركة فرنسية في مختلف أنحاء البلاد في مجموعة متنوعة من الصناعات الحيوية، بما في ذلك الطاقة، والأغذية الزراعية، والشحن، والفنادق، والتأمين، والأدوية.

وقد مولت "الوكالة الفرنسية للتنمية" عددًا من مشاريع التنمية الهامة في نيجيريا، وخاصة في مجالات النقل والتنمية الحضرية. وبالرغم من كون نيجيريا دولة إنجليزية، فإن فرنسا تعمل على توسيع حضورها الثقافي في البلاد من خلال مؤسسات فرنسية مختلفة. ويدرس العديد من الطلاب النيجيريين في فرنسا عبر المنح الدراسية وبرامج التعاون بين الجامعات النيجيرية والفرنسية.

مخاوف السيادة الوطنية

من المفترض نظريًا أن تكون نيجيريا قادرة على التعامل بكفاءة مع التحديات المحتملة التي قد تصاحب علاقاتها المتنامية مع فرنسا، وذلك بفضل طبيعة الثقافات النيجيرية وتاريخها الغني ومشهدها السياسي المتنوع وخصائصها الجيوسياسية المتميزة وأسسها الاقتصادية التي تختلف نسبيًا عن دول المنطقة الفرانكفونية في غرب أفريقيا.

ومع ذلك، فإن واقع الدول الفرانكفونية المقربة إلى فرنسا سابقًا يعزز المخاوف بشأن السيادة الوطنية النيجيرية. وتتجلّى هذه النقطة الحساسة في انتقادات واسعة من قبل النيجيريين لصفقة التعدين التي أبرمها الرئيس تينوبو مع فرنسا، التي لديها سجل مؤسف فيما يتعلق بالموارد المعدنية والمعاملات الاقتصادية مع العديد من دول جنوب الصحراء الكبرى.

إضافة إلى الاتهامات المتعددة الموجهة لفرنسا في تشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، بأنها ساهمت بشكل كبير في تخلّفها التنموي وتطورها الاقتصادي.

هذه الانتقادات المتزايدة أجبرت الحكومة النيجيرية على إصدار توضيح رسمي، أكدت فيه أن فرنسا لم تستولِ على ثروات نيجيريا المعدنية، وأنه "لم يتم الاتفاق على أي بند في الوثيقة (الخاصة بالتعدين) أو الإشارة إليه بأن نيجيريا قد تنازلت عن حقوق التعدين لصالح الفرنسيين"، كما أكدت الحكومة أنها لم تقم بأي شيء يضر بالمصالح الاقتصادية والأمنية النيجيرية.

وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية النيجيرية متعددة الأوجه وتنامي الأطماع العالمية في الموارد المعدنية النيجيرية الحيوية، مثل: الليثيوم، والعناصر الأرضية النادرة، والزنك؛ فقد يؤدي سوء إدارة الاستثمارات الفرنسية المتزايدة إلى صراع جديد على الموارد في مناطق التعدين، استنادًا إلى ما يحدث بالفعل في منطقة دلتا النيجر التي تنشط فيها جماعات مسلحة وعصابات إجرامية بسبب النفط.

وقد يحد الاعتماد المفرط على التمويل الخارجي من الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لنيجيريا، كما قد يؤثر الوجود الفرنسي المتزايد أيضًا على خيارات السياسة الداخلية والخارجية لأبوجا، وخاصة في مسائل التجارة والأمن، حيث ستحتاج البلاد إلى إدارة علاقاتها مع باريس بحكمة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على علاقاتها القوية مع حلفاء آخرين ولاعبين عالميين، مثل: الصين، وروسيا، والهند، وغيرها.

وهناك نقطة أخرى مرتبطة بدعوة الرئيس تينوبو لماكرون إلى تحمل "المسؤولية الجماعية" مع نيجيريا لمحاربة الإرهاب وإجراء العمليات الأمنية؛ إذ تأتي هذه الدعوة في الوقت الذي يذهب فيه الرأي السائد في منطقة الساحل إلى أن علاقات بعض دول المنطقة مع باريس قد فاقمت من انعدام الأمن فيها.

بل تثير هذه الدعوة تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت نيجيريا مستعدة لاستضافة القوات الفرنسية في المستقبل، وذلك لأن نيجيريا معروفة برفضها القاطع منذ عقود لفكرة استضافة قواعد عسكرية أجنبية من حلفائها الغربيين، على الرغم من التعاون الوثيق القائم بين الجيش النيجيري وهذه القوات.

هذه التساؤلات وغيرها من النقاشات الوطنية الحادة أجبرت الجنرال كريستوفر موسى، رئيس أركان الدفاع النيجيري، في ديسمبر 2024، على نفي ما إذا كانت الحكومة النيجيرية قد منحت الإذن لفرنسا بإنشاء قاعدة عسكرية داخل حدودها، قائلًا: إن مثل هذه الخطط لم تكن ضمن جدول أعمال الرئيس تينوبو على الإطلاق، وأنه لن يُسمح لأي كيان أجنبي بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا، سواء في شمال البلاد أو جنوبها أو أي إقليم آخر داخل البلاد.

ديناميكيات إقليمية

تتزامن زيارة الرئيس تينوبو إلى باريس مع تصاعد موجة حركة الوحدة الأفريقية في منطقة غرب أفريقيا، خاصة وأن الرئيس النيجيري يرأس أيضًا مجلس إدارة "إيكواس"، الكتلة الإقليمية التي وافقت مؤخرًا على انسحاب النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو منها، وهو الأمر الذي أثار استياء البعض في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، أكدت الحكومة النيجيرية مرارًا وتكرارًا التزامها الثابت بأمن واستقرار غرب أفريقيا واحترام سيادة دولها. وبررت أبوجا موقفها وتحركاتها بأن توتر العلاقات بين فرنسا ودول الساحل لا يؤثر بالضرورة في العلاقات النيجيرية الفرنسية التي تقوم على الاعتبارات الاقتصادية والدبلوماسية، وهي في ذلك كعلاقات نيجيريا مع الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وغيرها من القوى العالمية.

يضاف إلى ما سبق أن سعي الرئيس تينوبو المعلن والصريح إلى التقارب مع فرنسا يثير الاتهامات الإقليمية ضد إدارته. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في ادعاء القائد العسكري النيجري عبدالرحمن تشياني، بعد زيارة الرئيس تينوبو إلى باريس، بأن نيجيريا تتواطأ مع فرنسا لإنشاء قاعدة عسكرية في الشمال المحاذي للنيجر، بهدف تزويد الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة بحيرة تشاد بالأسلحة اللازمة لزعزعة استقرار الجارة.

هذا الزعم الكاذب نفاه السكان المحليون وزعماؤهم في المناطق الشمالية النيجيرية، كما وصفه مستشار الأمن القومي النيجيري نوح ريبادو بأنه ادعاء "لا أساس له من الصحة" و"عارٍ عن الصحة تمامًا".

وهناك بعد سياسي أيضًا لتنامي الشراكة النيجيرية الفرنسية؛ إذ أعرب حكام ولايات شمالية عن استيائهم الشديد تجاه حكومة الرئيس تينوبو، بسبب ملفات وطنية مهمة ولطريقة إدارته لأزمة "إيكواس" مع المجلس العسكري في النيجر المجاورة، حيث إن لهذه الولايات الشمالية قواسم إثنية وثقافية وتاريخية مشتركة مع النيجر.

وبما أن نيجيريا ستعقد انتخاباتها الرئاسية المقبلة في عام 2027، مع احتفاظ الولايات الشمالية النيجيرية، بسبب عدد سكانها وثقلها السياسي، بنسبة تصويت حاسمة في هذه الانتخابات؛ فإن فوز الرئيس تينوبو بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات أصبح مهددًا بشكل حقيقي.

ويؤكد هذا التهديد ما حدث في احتجاجات أغسطس 2024 ضد حكومته، حيث لوّح متظاهرون بأعلام روسيا في شوارع ولايتي كانو وكادونا في شمال غرب نيجيريا، مما أشار بوضوح إلى تفضيلهم أن تسير نيجيريا على مسار النيجر، التي عزز مجلسها العسكري علاقاته بقوة مع روسيا بعد انقلاب يوليو 2023 على حكومة الرئيس محمد بازوم المدنية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة